قراءة معمقة في مبادرة Mark Zuckerberg لنشر الانترنت Internet.org
كل يوم تتطور الانترنيت و تتوسع أكثر و تصبح أكبر حجما من الأمس ، و تتزايد فيها المنافسة بين الشركات و الأفراد العاملين عليها، و في ذات الوقت تزداد أهميتها و تأثيراتها على الشعوب و الأمم.
صحيح أن الانترنيت تشهد الأن المزيد من النمو و تنتشر بشكل سريع في معظم الدول، لكن هناك الكثير من البشر على كوكبنا لا يتصفحونها و ليسوا مهتمين بها بسبب الظروف و صعوبة توفرها في المناطق و الدول التي يقطنونها.
تلك الفئة التي لا تستخدم الانترنيت هي هدف مؤسس الفيسبوك الشاب Mark Zuckerberg التي ينوي استهدافها في المرحلة المقبلة، و الحقيقة أنها فئة مهمة اذ يقدر حجمها بخمسة مليارات من البشر .
لهذا جاءت مبادرة Internet.org كفكرته الكبيرة و التي يريد أن يغير بها وجه الأرض و مستقبل الانترنيت، و المبنية على أسس و قواعد تجعل منها مبادرة قابلة للنجاح رغم قوة التحديات التي تجعل الحلم صعب التحقق.
اذن هناك الكثير من الأسئلة التي تبحثون عن اجابتها حول هذه المبادرة ، و هي التي سأقدم لها أجوبة صريحة و مفصلة في السطور التالية.
مبادرة Internet.org في تصور Mark Zuckerberg
مبادرة Internet.org في تصور Mark Zuckerberg
لا عجب أبدا أن يفكر مؤسس الفيسبوك Mark Zuckerberg في طرق و عوامل جذب المزيد من البشر الى الانترنيت، و مع وجود 5 مليارات من الناس خارج نطاق الانترنيت، يصبح لهذا التفكير أهمية كبيرة لكل الشركات العاملة على الويب و ليس فقط لدى الشبكة الاجتماعية الأكبر في العالم.
و الحقيقة أن هذه المبادرة تسعى عبر تعاون وثيق بين الفيسبوك و أكبر الشركات العالمية المحددة في Nokia و Samsung اضافة الى Qualcomm و منافستها MediaTek و لا ننسى إريكسون و أوبرا لادخال الانترنيت الى كل بيت من بيوت العالم التي تفتقدها و توفيرها أيضا في المقاهي و الأماكن العامة ، و في كل مكان تقريبا للاتصال و التواجد الدائم على الويب .
و يدرك Mark Zuckerberg أن معظم الخمسة مليارات من الناس و التي لا تستطيع الوصول الى الانترنيت ، عبارة عن فقراء منتشرين بدول العالم الثالت التي لا تزال فيها الانترنيت محدودة جدا على الفئة الراقية فقط.
و لهذا يقول أن الانترنيت ستكون مفيدة أيضا لتلك الفئة المحرومة منها ، اذ ستوفر لها تثقيف نفسها و الوعي بمصالحها و تعزيز المعرفة ، الى جانب الحصول على فرص شغل و مصادر للربح و محاربة الفقر.
اذن هي أهذاف جميلة و سامية انسانية في مضمونها و جوهرها لكن هل يدفع Mark Zuckerberg كل ثقله و وزن شركته لتوفير الانترنيت في العالم و كفى ؟ الجواب بلا شك في قادم السطور.
انها مبادرة تفوق الارتقاء و نشر المعرفة
انها مبادرة تفوق الارتقاء و نشر المعرفة
عندما أزال Mark Zuckerberg الستار عن فكرته التي وصفها الكثيرين بالجنونية أمام الملأ ، أدركت حينها أمور أضحكتني و جعلتني أستغرب من الأدلة و البراهين الانسانية التي قدمها للدفاع عن فكرته التي جاءت لانقاذ الانسانية من الجهل و الأمية الالكترونية و الانتقال بها الى امتلاك جماعي للتكنولوجيا مع تفاديه المستمر للاجابة عن السؤال الرئيسي المهم ألا و هو : هل للفيسبوك أهذافا غير تلك التي تم ذكرها في الأسطر السابقة ؟
اذا كان Mark Zuckerberg لا يود الاجابة عن السؤال الأكثر أهمية ، فلما لا أقدم أجوبة تفصيلية للسؤال ؟
الحقيقة أنه لا توجد شركة في العالم كله ، تقوم بمبادرات انسانية أو اجتماعية لوجه الله أو هكذا اعتباطا و بشكل عفوي دون أن يكون لها أهذافا تصب في المصلحة المالية للشركة الى جانب اضفاء المزيد من اللمعان على سمعتها .
و لهذا أقول لكم و أنا واثق مما أقول، أن مبادرة Internet.org من فيسبوك و شركائه تفوق و تتجاوز الارتقاء و نشر المعرفة التي تشدق بها هؤلاء . انها تعبير عن حلمهم الأكبر لجعل العالم ممكن الاتصال بالانترنيت في كل مكان و في كل وقت ، لجذبهم و السيطرة عليهم من خلال خدماتهم و منتجاتهم للحصول على أموالهم و استغلالهم للمزيد من الثروة و الشهرة .
هذا ما يريده الفيسبوك من هذه الخطوة التي تنتظرها الكثير من التحديات ، فمؤسسها Mark Zuckerberg يدرك جيدا أن نمو شبكته بدأ يتباطؤ في الدول العالمية الكبرى لانتشاره بها الى أقصى الحدود , و لهذا يرى الأمل و المزيد من المجد في 5 مليارات من الناس لم يتوصل اليهم بعد .
و سواء سيستخدم هؤلاء الفيسبوك على الهواتف الذكية أو أجهزة الكمبيوتر المكتبية و المحمولة ، فان الفيسبوك سيتمتع بالربحية مما يشاركونه و من تفاعلهم مع الاعلانات المنتشرة في الصفحات و بين المنشورات.
انه المال يا عقلاء … السعي وراءه يجعل الشركات تنهج طرقا تبدوا و كأنها تتبرع فيها بالمال، بينما الحقيقة تقول العكس بالدليل و البرهان.
Nokia و Samsung و Qualcomm و MediaTek اضافة الى إريكسون و أوبرا شركات مناسبة :
Nokia و Samsung و Qualcomm و MediaTek اضافة الى إريكسون و أوبرا شركات مناسبة :
أنا متأكد أنكم تساءلتم من قبل حول توافق هذه الشركات على هذه المبادرة ، علما أن العلاقات بين كل هذه الشركات تبقى مصلحية و تحكمها المنافسة ، دعوني أوضح أكثر ماذا تفعل نوكيا و سامسونج في هذا التحالف بينما تفرقهما المنافسة في قطاع الهواتف الذكية و قريبا في اللوحيات ، ألم تكن نوكيا من قبل في مكانة سامسونج اليوم ؟ اذن العلاقة تتجه الى عداوة أبدية غير أن هذه المبادرة تعد استثناء فقط ، الأمر أيضا ينطبق على الغريمين Qualcomm و MediaTek المصنعين لمعالجات الأجهزة المحمولة.
و بعيدا عن النظر الى علاقات تلك الشركات ببعضها البعض ، الا أنني أجزم أن الفيسبوك توفق فعلا في اختيار الشركات القادرة لانجاح المبادرة و ترجمتها على الواقع. و ما يجعلني أؤكد لكم هذا هي النتيجة التي توصلت اليها و التي تقول أن لكل شركة من الشركات التي وافقت عليها دورا فعالا و قدرات أكبر لنشر الانترنيت و المساعدة في اتاحتها للعالم أجمع.
حيث ستعمل نوكيا على انتاج المزيد من هواتف سلسلتها الشهيرة و الرخيصة أشا بسعر أرخص من المعتاد و بمواصفات مقبولة , تتضمن أيضا تطبيقات الويب و من بينها تطبيق الفيسبوك و يكون لديها القدرة على الاتصال بالانترنيت لاسلكيا كبقية الهواتف الذكية المتاحة أيضا. و تستهدف الدول الأفريقية و الأسيوية و الأمريكية الجنوبية التي تتضمن أعدادا كبيرة من الناس الغير القادرين للاتصال بالانترنيت .
ونفس الدور ستتكلف به أيضا سامسونج التي تعد رائدة صناعة الهواتف الذكية ، حيث ستعمل أيضا على استهداف نفس الفئة بهواتف رخيصة جدا تقدم المواصفات المقبولة و التي تمكن المستخدمين المستهدفين من الولوج الى الانترنيت بشكل سريع و القيام بتحميلات و بمحادثات و بالكثير من الأمور الاخرى التي تعد ضرورية على الويب.
و هنا يتساءل البعض لماذا بالضبط سامسونج و نوكيا و ليست مثلا أبل و سوني ؟ الجواب البسيط هو أن العملاقين الكوري و الفنلندي يتمتعان بسمعة قوية في الأسواق الناشئة اذ يملكان أكبر عدد ممكن من الهواتف الذكية المتوفرة بأسعار رخيصة و بقدرات معقولة ، و قد رأينا بالطبع نجاح نوكيا في اختراق السوق الهندية بهواتف أشا ، و في ذات الوقت عشنا مع سامسونج نجاحها في التوسع بأسواق جنوب شرق أسيا و أفريقيا. عكس سوني و أبل و الشركات الأخرى التي تركز أكثر على الهواتف الراقية و الغالية و الموجهة أكثر للأسواق العالمية الكبرى.
من جهة أخرى سيكون أمام الشركتين Qualcomm و MediaTek المصنعتين لمعالجات الأجهزة المحمولة ، مهمة توفير المعالجات الرخيصة و القوية بوثيرة أكبر مستقبلا لدمجها في الأجهزة المحمولة التي ستكون موجهة الى الدول و الأسواق التي تتضمن 5 مليارات من البشر ليس بامكانهم الولوج الى الانترنيت و ذلك لتخفيف عبء المصاريف و التكاليف التي قد تتحملها الشركات المصنعة و التي تركز على بيع اكبر عدد ممكن من هذه الأجهزة الرخيصة لتحقيق الربح الكبير الذي يمكن لها تحقيقه في بيع بضع المئات أو الألاف من الأجهزة الراقية.
أما أوبرا التي تعد أفضل متصفح للهواتف الذكية و للأجهزة فستعمل الشركة المطورة لها بتزويد الأسواق الناشئة بالوسائل التي تسمح للمستخدمين بالوصول إلى الويب بالحد الأدنى من البيانات ، و جعل المتصفح على الأجهزة المحمولة بالأخص سريعا في التصفح و التكيف مع اتصال الانترنيت التي تكون غالبا بطيئة في تلك المناطق من العالم.
من جهة أخرى سيكون لدى اريكسون مهمة التعاون مع شركات الاتصالات المتواجدة في تلك الدول لتزويدها بأحدث المعدات التي تساعد على نشر الانترنيت و توفيرها في جميع مناطق تلك البلدان ، و المساعدة أيضا في انجاح المبادرات التي تسعى من خلالها لجعل الحصول على الانترنيت رخيصا و مربحا لتلك الشركات.
أما الفيسبوك فلن يكتفي بطرح هذه المبادرة و انتظار تطبيق الأخرين لها ، بل سيواصل جهوده التي بدأتها منذ مدة لتوفير الوصول الى شبكتها الاجتماعية مجانا للجميع ، و التي رأيناها ضمن مبادرة Facebook Zero.
تحديات خطيرة أمام فكرة Mark Zuckerberg الكبيرة .
تحديات خطيرة أمام فكرة Mark Zuckerberg الكبيرة .
كل هذا الحشد من الشركات و الأموال المخطط صرفها و التخطيطات المنسقة ستواجهها دون شك تحديات خطيرة قد تجعل من مبادرة Internet.org نمودجا واضحا للفشل ، فرغم أن التحالف السباعي عازم على جعل الانترنيت متاحة للجميع فان التحديات أيضا لها عزم كبير لجعل هذه الأمال مجرد حلم من أحلام اليقظة التي يحلم بها Mark Zuckerberg و لن تتحقق .
البداية من دولة التنين الأصفر التي تتوفر على عدد هائل من البشر اذ يصل التعداد السكاني للصين الى مليار و نصف مليار فرد ، و رغم كونها أيضا تتوفر على أكبر عدد من رواد الويب مقارنة بالولايات المتحدة الامريكية و اروبا حيث يقدر عددهم مؤخرا بــ 591 مليونا الا أنه يبدوا العدد قليلا بالنسبة لسكانها . و لهذا من المنتظر أن نرى مبادرة Internet.org تضع عينيها على ثاني أكبر اقتصاد بالعالم لنشر الانترنيت به و هنا لن تقبل الصين ذلك ، ليس لأنها لا تود ذلك من الأساس لكن لكون جهودها فعالة في هذا الصدد و أيضا لخشيتها من التجسس الذي تحدثه عموما الشركات الأجنبية ، خصوصا و أن الصين تضيق على الفيسبوك هناك لدواع سياسية و أمنية تحاربها السيادة الصينية.
التحدي الثاني الذي ستواجهه أيضا المبادرة ، هو قيام العديد من الدول برفضها من الأساس لسعيها الحثيت لبناء شبكات انترنيت ذاخلية تتحكم بها تلك الدول و تجعلها مستقلة عن شبكة الانترنيت العالمية و لعل ايران و كوريا الشمالية أفضل النماذج.
التحدي الثالت هو صعوبة القيام بتقليص البيانات المطلوبة لاستخدام الانترنيت و التي تهذف اليها هذه المبادرة ، حيث سيتم تطوير أدوات ضغط البيانات و التي توفر كفاءة أكثر لتعامل الشبكة مع البيانات الا أن هذا الامر بالضبط سيحتاج الى جهود تنسيقية و علمية و مادية كبيرة جدا.
بينما يمثل الوقت التحدي الرابع ، حيث ستحتاج تطبيق المبادرة أساسا الى طول الوقت و هنا أقصد أن تنجح في الوصول الى هذفها اذا تخطت التحديات بعد عقد من الزمن أو أكثر.فكل الاجراءات التي سيتم تطبيقها لن تنفد بين ليلة و ضحاها و معظمها يحتاج لوقت طويل قبل أن نرى تأثيراته على الواقع.
Internet.org حلم جميع الشركات و المواقع العاملة على الانترنيت
Internet.org حلم جميع الشركات و المواقع العاملة على الانترنيت
لا يمكننا أن ننفي بشكل جزئي أو قطعي سعي الشركات و المؤسسات و المواقع العاملة على الانترنيت الى تحقيق حلم انتشار الانترنيت بشكل أكبر و ولوج الجميع اليها ، و في هذه الحالة يعني ولوج ثلتي سكان الأرض الى الشبكة العنكبوتية أمرا رائعا و عظيما لذلك الكم من المواقع المتزايد عددها بشكل جنوني.
انه يعني بدون شك المزيد من الزوار و المستخدمين لمواقع الويب خصوصا العالمية منها و بالتالي أرباحا أكبر مما تحققه الأن و مبيعات أفضل اضافة الى توفير المزيد من فرص الشغل على الويب و بالطبع ستكون المنافسة شرسة بين جوجل و الفيسبوك و ياهو اضافة الى مايكروسوفت و بقية أفضل الشركات على الخمسة مليارات من البشر.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة
(
Atom
)
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق